الثلاثاء، 24 ديسمبر 2013

موت بهنس الفاجع ...هكذا يرحل المبدعون من بلادي كتب يوسف ارسطو

     موت بهنس الفاجع ...هكذا يرحل المبدعون من بلادي
                                                  

كتب يوسف ارسطو
بعد تشرد ومعاناة سنين عددا بالخرطوم والقاهرة وباريس يموت الشاعر و التشكلي والقاص والمسرحي والموسيقي والمغني (محمد حسين بهنس)متجمدا من شدت البرد والجوع في الرصيف وبأزقة القاهرة ويودع بالمشرحة لمده اسبوعين دون ان يسائل منه احد الى ان يتعرف عليه احد السودانيين بالسفارة
وللذين لا يعرفونه فان بهنس مبدع متعدد المواهب شارك في عدت معارض تشكيل داخل السودان وخارجه و له رواية(راحيل) مطبوعة ومتوفرة بالمكتبات منذ الالفينات وقد شاهدته مشارك في العزف علي الجتار والغناء في عدد من الحفلات بالمراكز الثقافية ولعله رائدا ومؤثرا في شكل المجموعات الغنائية الجديدة التي تدمج مابين الموسيقي الغربية والغناء المحلي

 ويمكن القول مجددا ومن اغنياته الراسخة عندي وهي كانت ولازالت ملحاحة للمعشوقة(ليه تشوتني ذي كوره)وقد كان لجانب الحانه ذات الملمح التجريبي فصوته شجي وطروب ياخذك الي عالم الحياة الجديدة والمتجددة والحركة بدل السكون والاسترخاء ولعلنا لمن نشعره بما اضافه لنا من معاني وأحاسيس ومشاعر فوقف قلبه لأننا قصرنا ولم نهمس له بأنه جميلا فينا وبينا فرحل لأن رحيله كان فاجعا ولمساهماته  في ضروب مختلفه في الابداع قدمت عنه تقارير في قناةالعربية في اكثرمن نشره اخباريه وعدد من الصحف والصفحات علي الفيس بوك نحاول تتبع اهما:
رحل في القاهرة ودفن في مسقط رأسه أم درمان
الفنان السوداني بهنس والموت جوعا وصقيعا ونكرانا
الراحل محمد حسين بهنس كان فنانا وأديبا متعدد المواهب والملكات (الجزيرة)
محمد نجيب محمد علي-الخرطوم
ودع جمع غفير من المثقفين والمبدعين السودانيين الروائي والتشكيلي محمد حسين بهنس (1972-2013) إلى مقابر أحمد شرفي بأم درمان، بعد أن وصل جثمانه من القاهرة التي انتقل إليها منذ سنتين، وقضى على أرصفة أحد شوارعها بردا وجوعا.
وعثر على الفنان السوداني (42 عاما) ميتا فجر الثلاثاء الماضي في ميدان مصطفى محمود بالقاهرة، وتم نقله إلى قسم الدقي ثم إلى مشرحة زينهم دون أن يعرفه أحد، وكتب اسمه في خانة المجهولين حتى تعرف عليه بعض أصدقائه بعد يومين.
وجاء في التقرير الطبي أن الفنان الراحل توفي من جراء البرد والجوع، وأثارت دراما رحيله الكثير من الأسئلة في أوساط المثقفين السودانيين والمصريين الذين وصفوا رحيله بالفجيعة. وقال الكاتب المصري علي عمار حسن إن الراحل "مات جائعا متجمدا من البرد على أرصفة شوارع القاهرة بعدما عانى سنتين أزمة نفسية حادة".
من لوحات الفنان الراحل بهنس (الجزيرة)
أزمة مبدع 
والراحل فنان متعدد المواهب، فهو روائي وشاعر وتشكيلي وعازف غيتار ومغنٍ ومصور، وبعض لوحاته تزين قصر الإليزيه في فرنسا، وقد شارك في عدد من المعارض في السودان وفي الخارج.
له تجارب مختلفة في مجال الرسم الضوئي، إلى جانب كتاباته الشعرية والقصصية وروايته "راحيل" التي صدرت  عام 1999، وأثارت الكثير من الجدل لدى النقاد.
وكان بهنس قد ذهب إلى القاهرة قبل عامين ليقيم معرضا تشكيليا ومعرضا آخر لصور تعكس الثقافة والفلكلور الأفريقيين، وأصابته حالة من الاكتئاب، حيث ظل مشردا في شوارع القاهرة بلا مأوى أو عمل، يعيش في الميادين وينام أمام المطاعم.
ويقول أصدقاؤه إن ما أصابه يعود إلى إبعاد السلطات الفرنسية له بعد أن كان متزوجا من فرنسية وأنجب منها ابنا في 2005 ثم طلقها ليعود إلى الخرطوم مكرها، ويصدم  برحيل والدته، ثم رحيل شقيقه في بريطانيا.
وكتب بهنس أغنية مشهورة تصور بعض حاله بعنوان "أهديك الفوضى" يقول فيها:

أهديك الفوضى
شجار طفلين في ساحة روضة
أهديك الغربة
ضجيج الموتى
وصوت التربة
أهديك إحباطي..
أهديك مرهم النجمة
يداوي جراحك..
"
الراحل بهنس تناوشته العبقرية والجنون, فأقام في عزلته مداميك خاصة, ينام في حواشيها ويرسم على متونها رؤيته للعالم، وهي رؤية جعلته يقفز من التشكيل إلى الموسيقى إلى الرواية ثم العودة الى تشكيل الحياة بغربة احتجاجية
مأساة جيل
وقال التشكيلي عصام عبد الحفيظ للجزيرة نت إن بهنس كان يحرك ساكن المكان بصوته وروحه النزقة للانتماء، يكتب وينشر، ويمتد إبداعه إلى الحيطان ملونا رافضا انفصال الجنوب عبر منظومة "سودان يونت".
ويضيف عبد الحفيظ أن بهنس "غاب كما غنى وحمل الغيتار، غاب هادئا كما هو، وغاب في دولة لا تذكر مبدعيها، بل تنكر إبداعهم وتتمنى لهم الغياب".
 ويرى الناقد عامر محمد أحمد أن بهنس "تناوشته العبقرية والجنون وصخب الحياة الخاصة, فأقام في عزلته مداميك خاصة, ينام في حواشيها ويرسم على متونها رؤيته للعالم، وهي رؤية جعلته يقفز من التشكيل إلى الموسيقى إلى الرواية ثم العودة الى تشكيل الحياة بغربة احتجاجية".
ويضيف عامر أن بهنس "مضى إلى ربه شاكيا من دنيا لم ينكر عليها سوى أن رحلته الطويلة من الآلام قد انتهت أخيرا.. رحم الله الفنان الشاب بهنس، فرحيله يؤرخ لمأساة جيل كامل".
المصدر:الجزيرة
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الجزيرة وإنما تعبر عن رأي أصحابها
اظهار 10 من أصل 35 تعليق
ابوهمام منذ يومين (4) (3)
مازال البعض يردد هى لله هى لله والالاف يموتون جوعا وقهراوالملايين مشردون فى الخارج .. حسبى الله ونعم الوكيل
Eman Behiry منذ يومين (7) (0)
اللهم ارحمه واحسن اليه نعم فالموت حقا لا ننكره ونؤمن به ولكن موته قد اشعل فينا نيرانا أحرقت حب الإنسانية في دواخلنا لما ال اليه حال المبدعين في دول ترزح تحت رحمة الاستعمار الفكري واحتكار كراسي السطلة التي لفظت كلمة ابداع من دواخلها وبالتالي صار المبدع في نظرها مجرد قاذورات يجب التخلص منها لهذا اسرع الفنان الراحل محمد بهنس واحتمي بباطن الأرض لأنها ارحم من ظاهرها لينعم برحمة الله ارحم الراحمين...(انا لله وانا اليه راجعون ).
ياسر حمد منذ يومين (3) (0)
له الرحمة والمغفرة
مهندس مصرى منذ يومين (7) (0)
نحن فى الحقيقة وفى الغالب لا نكرم المواهب الموجودة فى بلادنا(سواءكانت مواهب علميةأو أدبية)إلا بعد أن ترحل. حدث هذا فى مصر عشرات المرات. فنحن أمة تتمسك بالبكاء على الأطلال ويملأ أفق الإعلام ضجيج كرة القدم والفن ويطغى على ما سواهما حتى نفاجأ برحيل أحد الموهوبين كان منزويا فى ركن من أركان النسيان ويموت من جوعه للتقدير ومن برد الإنكار والنسيان. رحم الله الفقيد وأعان الله مواهبنا من العلماء والأدباء الذين لم يعرفوا كيف يتقربون إلى صناع القرار ولا يمسحون جوخا ولا يعرفون من أين تؤكل الكتف !!!
احمد العليان منذ يومين (13) (0)
اللهم انه شهد ناس في ميدان التحرير ان بهنس ما نام بالليل الا ان يصلي . اللهم اغفر له بصلاته في جوف الليل وارفع درجته بما تعرض له من بلاء في اهله وولده وفكره يا من رحمته وسعت كل شئ.
Faisal Fadel منذ يومين (9) (0)
في تقديري أن الراحل لم يمت من جراء البرد الطبيعي (برد المناخ) ولا من الجوع الطبيعي (الحالة التي يشعر به كل انسان كتعبير عن حاجته للأكل) في تقديري أن بهنس مات بسبب برد الاهمال وجوع القسوة الذي وجدها من مجتمعه.. وهو الفنان المبدع الذي كان يهب نفسه ابداعاً وجمالاً، وكان حريا بأهل حكومته وشعبه الاحتفاء به تقديرا لاسهماته وابداعاته المتنوعة .. نترحم عليه نسال الله له الجنة ..
عابرة سبيل منذ 3 أيام (9) (0)
رحمه الله رحمه واسعة تغنيه عن رحمة البشر....وختم له بالرضا والغفران إن شاء الله
alhlamalgamel منذ 3 أيام (9) (1)
ربنا يرحمو بهنس ضيعناه وبكيناه
الواثق بشير منذ 3 أيام (16) (1)
ربنا يتقبله قبولا حسنا .له الرحمة والمغفرة ولاله الصبر والسلوان ... كان مبدعا ومهووسا بالفن منذ نعومة اظفاره ... زاملناه فی مدرسة بكار المتوسطة .. انسانا بكل معنی الكلمة
Naji al arqban منذ 3 أيام (16) (1)
انا لله وانا اليه راجعون .. الله يرحمة و يغفر له ويتقبله عنده ... وسامح الله من كان سبب في موته هذي الموته المهينه المذله في الخندق ؛ ربط النبي صلى الله عليه وآله وسلم بطنه من الجوع ! في عصرنا ربط المترفون معدتهم من الشبع ( للتخفيف ) .

كتبت مريم ساعدي 

بمناسبة موت بهنس المحن

عن دور الوسط الثقافي والمؤسسات في حماية ورعاية المبدعين

تاريخ النشر: الثلاثاء 24 ديسمبر 2013
قبل أيام توفي كاتب وتشكيلي سوداني، اسمه محمد حسين بهنس، عن عمر يناهز الاثنين والأربعين عاماً، يعني مات شاباً، وهذا قدر. المؤسف في الأمر أنه توفي من الجوع والبرد، وهذا عار.


من ساعتها والمثقفون يصبون جام غضبهم على المؤسسات الرسمية، والحكومات العربية، وعلى الأثرياء، ومن لم يمد يد العون إلى هذا الإنسان الفنان، وهو غضب لم يجاوز أهله، لكنه غضب تخليص ضمير فقط. قالوا كان يعاني اكتئاباً حاداً جراء ظروف شخصية وسوء وضعه الاقتصادي. حسناً، الفنان ينعزل، تمنعه حساسيته ورهافة شعوره من إظهار حاجته وبرده وجوعه، ولكن من يجب أن يحس بالفنان إلا فنان مثله؟. كيف يُترك شريدا في شوارع القاهرة حتى يقرصه البرد والجوع؟ هل يموت إنسان من الجوع بيننا ونلعن الحكومات؟ الحكومات مؤسسات ووزارات وهيئات وسلاسل من البيروقراطية. ماذا عن الإنسان المار بالشارع، الصديق، الحبيب، الرفيق، الزميل؟ ماذا عن العشرة الثقافية والعشيرة الأدبية؟!
هذا الفنان متعدد المواهب، فهو روائي وشاعر وتشكيلي ومصور، وله لوحات معلقة في جدران قصر الاليزيه، وشارك في معارض مختلفة في السودان وفرنسا والقاهرة، تحرك في محيط الثقافة والمثقفين طوال عمره، هذه الحركة اقتضت منه بطبيعة الحال إنشاء علاقات تحولت في الكثير منها إلى صداقات. أين كان هؤلاء الأصدقاء؟.
هل يصح أن يموت كاتب، وسط كل هؤلاء الكُتّاب المنادين بإنقاذ الإنسانية من الجوع؟
أين الوسط الثقافي؟ ثم ما دور اتحادات الكُتّاب العربية بالضبط؟ ما معنى وجودها أساساً؟. ألا تتحول هي أيضاً في هرميتها وانشغالها الدائم بانتخاب الرئيس والأعضاء إلى مجرد مؤسسة رسمية بليدة مترهلة؟ أم هي مكان لتجمع الكُتّاب فقط؟ المقاهي الشعبية تقوم بهذا الدور أكثر.
لم لا يكون لها دور في الترويج لكتب الكُّتّاب، التنسيق مع دور النشر جميعاً القديمة والحديثة لمعرفة آخر الإصدارات والاطلاع عليها والاحتفاء بالجيد منها، ومناقشة الأقل جودة وإقامة الأمسيات والندوات حولها في الجامعات والمدارس، والمراكز الثقافية والكتابة عنها وحولها في وسائل الإعلام، والتنسيق مع الجهات الإعلامية المختلفة لإلقاء الضوء عليها، وإيجاد آلية ما تجعل من الطباعة والتوزيع عملية نظامية وأكثر شفافية بحيث يمكن أن يحصل الكاتب على ريع من بيع كتابه. بدل أن يطبع منه ألف نسخة –حسب قول الناشر- ولا يعرف إن تم بيعها أم حرقها أم لف السندويشات بها، ثم تذهب طي النسيان حتى يموت هذا الكاتب، فيتم التنقيب عن إنتاجه لملء زاوية في صفحة ثقافية.
ربما يقال هذا ليس دور اتحاد الكتاب، ودور الهيئات الثقافية، أو دور النشر، أو أي جهة أخرى. لكن ماذا يعني أن تكون كاتباً أساساً إن لم تمتلك القدرة على الخلق؟ خلق الأفكار والأخذ بزمام المبادرات، وماذا يعني أن تكوّن اتحادا دون قوة؟ تكون فقط مجرد كتلة سلبية يمكن أن يتخطاها التاريخ دون أن ينتبه لها.
هذا كاتب عربي آخر، يموت برداً وجوعاً وكمداً. يترك هذه الدنيا المليئة بالتناقضات. له رواية اسمها “راحيل” كتبها عام 1999 وغالباً ستصبح الآن من الكتب العربية الأكثر مبيعاً في عالم لا ينتبه للإنسان إلا بعد أن يموت.. من الصقيع.