السبت، 1 يونيو 2013

.تحليل مسرحية "عرس الدم" للوركا-اعدا دوتقديم.ريان مصطفى

الاستاذة الناقدة ريان مصطفى مشاركةبالتمثيل وادراسة


              .تحليل مسرحية "عرس الدم"





                                
كلفت بكتابه ورقه فى تحليل مسرحية عرس الدم للكاتب الاسباني فيدركو غارسيا لوركا
بمناسبة احياء ذكر مماته في بعض الدول العربيه ومن ضمنها السودان من قبل السفاره الاسبانيه بالاتفاق مع المخرج السوداني الاستاذ منعم حسن وقام بدوره بطرح الموضوع على جماعة مسرح السودان الواحد وهى جماعه مسرحيه تعمل في الحقليين العملي والنظرى . ويتضمن هذا المشروع كتابة عدد من الاوراق لتعريف بالكاتب لوركا واخراج نصه عرس الدم .                                                                   
مشهد من الزفاف الدامي -جماعة مسرح السودان
لهذا سوف اتناول في هذه الورقه الحديث الموجز عن مسرح لوركا ومن ثم الدخول في مسرحية عرس الدم لتحليلها . ولن اتطرق الي التعريف بلوركا لوجود ورقه تقوم بدراست حياة لوركا وتاثيراته .
حيث نجد ان مسرحية "عرس الدم" هى من اجمل ما كتبة لوركا وبلاجماع لما تحملة من قضايا تهم كل مناطق اسبانيا حيث ناقش فيها مشكلة الحروب الاهلية وقضية المراة الريفية التى تعرضت للظلم والقهر من قبل الهيمنة الزكورية وناقشت قضية الانتقام والخيانة وعدد من القضايا التى تهم مواطن اسبانيا وهزا ماجعلها اجمل مسرحياتة .

المنهجية:-


اختار الباحث المنهج التحليلى ويعتقد انة المنهج المناسب لمعرفة مضمون المسرحية  
مسرح لوركا :-
يتميز مسرح لوركا بعدد مميزات تختلف و تتفق هذه المميزات مع كتاب القرن العشرين حيث يعد كاتبنا لوركا واحدا منهم  ونجد ان انتجة في هذه الفتره ما يقارب عشره مسرحيات نذكر منهعلى سبيل المثال لا الحصر .

الفراشه المشؤمه

ماريانا بنيدا 1927م  ,

بوداس دي سانجر 1929م

الاسكافيه العجيبه 1930م

الجمهور 1935م



لغة الزهور او وداعا غرناطه .

عرس الدم 1933م

يدما 1934م

منزل برناردااليا 1936م
نجد هذه المسرحيات كتب في فتره زمنيه متقاربه وخاصه الثلاثيه (عرس الدم – يرما – منزل برناردا اليا ) حيث تعد من اميز ماكتبه لوركا في المسرح لماتحمله من قضايا عصره ووطنه . وغير هذا انها تتصف بشعبيه و  تجرى احداثها في اجواء ريفيه تتسم بالماسويه وتعد الثلاثيه الدراميه سالفه الزكي امتدادا للروح الاندلسي الاصيل في اكثر جوانبه مأساويه هذا الروح الذي استقطب منع قاصئد الغجريه ) 1                        
(لوركا – ديوان التماريب- ص30 )

يناقش ايضا فيها النفاق والجدل الكاثيلوكي والاستبداد الخانق .

وبعض مسرحيات لوركا ( تبعث الاحساس الوثيق بالقهر الاقتصادي والكبت الجنسي للحياة في الريف , ويمثل اعادة لتصوير حادث نيجار في الميديه التى استوحى منها مسرحية عرس الدم ) (المصدر السابق ص 229

ويقول جيسون معتمدا في بعض الاحيان على مذكرات فرانشيسلو – شقيق لوركا – في ان ( مسرحيه يرما ترتبط قصتها بالزوجه الاولى لوالد لوركا كانت عاقرا . كما ارتبط زى ادبلا الاخضر في مسرحيه (يرناردا البا) بزى ابنه عمه , ويرتبط بعض شخصيات المسرحيات بافراد عايشهم مثل ( دولوروس لويستا ) مرصفه لوركا وهى ايضا اصل الشخصيه الكافره في مسرحيه يرما ومديره المنزل في مسرحيه ( دونا رزوتيا الغرباء ) ويرتبط فن لوركا بمواقفه السياسيه ايضا في انتاج مسرحيه ( ينبوع او فيخونا للمعتقلين )( المصدر السابق ص226 ).

مسرحيات لوركا هي مسرحيات جاده وهادفه وتناقش موضوعات وقضايا انسانيه واهمها اوضاع المراه الاسبانيه التى يسقط عليها المأساة نتيجة الطغيان والتقاليد والاخلاق والاعراف الاجتماعيه التى تقيد حريتها .

( وتفاصيل ملامح شخصياته النسائيه لا تقتصر بزاتها بل هى رمز لمعاناة اسبانيا الوطن ) الانترنت .
يضع لوركا شخصيات مسرحيه في صوره محدده وغالبا تكون رمزيه حيث ( جسد لوركا شخصياته المسرحيه بمشاكلها الحياتيه واقدارها التى حكيت لها منذ الازل , وقيمها الاخلاقيه الاجتماعيه على غائز شخصيات المأساة الاكلاسيكيه , فلم يأت رجالها ونساؤها افرادا في الزمان والمكان , بل جاءوه نمازج للوله واللوعه والمشاعر الانسانيه التى لاترتبط بالزمان والمكان , وصيغ ذلك بلغه رمزيه فياضه استعان عليها بقدره ابداعيه ترتكز على حده الحدس والوعى بالامكانيات اللغه الموحيه ) المصدر السابق ص3

مسرح لوركا هو مسرح مشاهدة وكلمات في المقام الاول تفقد الكثير من معانيها وحرارتها وهو مسرح الحريه التى لاتعرف حدود الوسط ومسرح الدماء والموت وقضايا الصراع البشرى .

ونجد ان قصائد لوركا ومسرحياته يتصور فيها الشمس والقمر ويقصد بهما الحياة والموت حيث نرى ان القمر في مسرحياته يرمز دائما للموت .

نجد ان لوركا من امير ثلاث مسرحيات غيرو مسيرة المسرح في القرن العشرين ( لقد بنى لوركا مسرحياته الدراميه كما فعل برخت ولكن بشكل اخر على تحليل القضايا الاجماعيه الرئيسيه في القرن العشرين قرن التغيرات الاجتماعيه , المنقطعه النظير )
( مجموعه مؤلفين , دراسات في الادب والمسرح ص75) .
يختلف ويتفق لوركا مع معاصريه من الكتاب في شكل القضايا وطريقه طرحها حيث ( يختلف لوركا عن بريخت , لكنه يتفق مع اوكسي , في انه قد جسد هذه القضايا في مسرحيات , تبدو قائمه للوهلى الاولى ,  على نزعات وصدمات محليه . اما مواضيعه فهى اسبانيه في الصميم . بالثأر للدم , وعاطفه الشرف القويه , والحب والموت وكان الفولكور الشعبى الاسباني قد ربط بينهما , ونمط العائله القاسي والتقاليد القوميه القديمه . غير ان هذه الموضوعات المطروقه التقليديه ليست بالنسبه للوركا , الا شكلا او بالاحرى , تربه لتصادم التناقضات الاكلاسيكيه العميقه ) المصدر السابق 76 .

جانب من جمهور العرض ويظهر الاستاذ الممثل حسن عثمان (الشين
ويختلف مسرح لوركا عن بريخت واوكيسى بانه ( يربط مسرحياته بمفتاح انفعالى واحد , متحاشيا بصدامه, المشاهد المضحكه , وحتى المشاهد الكوميديه . ومع ذلك يشكل انتاج لوركا المسرحي ماده غزيزه غنيه للمخرج المتعمق )المرجع السابق ص76 .
الاستاذالمخرج الفاتح حميدة مصمم الاستعراض
   وثلاثية لوركا الفريده ( عرس الدم)( يرما)( بيت برناردا البا) من ابرز المسرحيات في المسرح الحديث وحقق فيهما لوركا تراجديه القرن العشرين والفن المسرحي المنطلق من الفن الشعبي.

يختار لوركا في مسرحياته شخصيات من الافلاحين القرويين , والصدام في المسرح    يحدث في وسط مناطق او قرى معروفه يوهى بذلك ان المسرحيات في حدود ضيقه .

نجد ان الصراع اهم عنصر في العناصر المسرحيه او الدراميةعموما وهو يكون بين ابطال المسرحيه واحد ضد الاخرا ومجموعه ضد مجموعه اوفكره ضد فكره .

نجد ان الصراع عند لوركا هو الصراع السايكولوجي الداخلى .

ولانجد عند لوركا بطل رئيسيا واحدا عدا في مسرحيه يرما  حيث تكون الشخصيات متساويه وكل واحدا منهم يصبح البطل الرئيسى وهذا يعطي الطابع ملحمي .

نجد ان القرى الاسبانيه يتصف الفلاح الاسباني منذ عدد سنين بلصفات التاليه : البؤس عند , والخوف من البؤس عند البعض الاخر خرافات دينيه وعائليه , وعادات الانتقام الدراميه , وقوانين الشرف القاسيه والجهل والشح والبخل يقوم لوركا بمناقشة هذه القضايا في اعماله المسرحيه ولكن ليس من اجل وجود التراجيديا بل الحياة الواقعيه تتطلب ذلك .

ويتصف مسرح لوركا ايضا بانه لا ( يشخص الشر في شخصية واحدة او فرد واحد وهنا يكمن هدفه , فالشر كما يرى لوركا لايمكن ان ينال من البعض ويترك البعض الاخر ان الشر ينتشر كالهواء ويستنشقه الجميع ) المرجع السابق ص 81

وهذه هى طبيعه الحياة في كل مكان وزمان فأن الانسان يتكون من الشر والخيرولكن بعض الشخصيات يتقلب عليها طابع الخير وبعضها يتقلب عليها طابع الشر على حسب التكوين البشرى والبيئه اى المؤثرات .
الاستاذة ريان مصطفى وبعض من كاست لوركا
يهتم لوركا بمناقش جزور المشكله او القضيه التى تؤدي الى النتاج المحتومه (يهتم لوركا باصل ومنشى وصله بعضها ببعض . والظروف الاجتماعيه للحياة الريفيه الاسبانيه , من الاساس , معاديه لكل مظهر من مظاهر حب الحريه ولكل نفحه نبيله وهى تعمل على تفتيت الناس واقسامهم كل عائله على ذاتها , وكل انسان في حلقه معالم وقضاياه الخاصه .... كان الفلاح في الماضي اذا اهان النبيل كرامته يرفع يده بجراءه على من اهانه . لقد بقيت عادة غسل العار بالدم , غير انها فقدت نزعتها الاجتماعيه . وانتشر الانتقام انتشارا شاملا في مجتمع القريه الاسبانيه البدائى . واستحال الحب الى انانيه غبيه . كما عدا الدفاع عن الشرف وحشية قاسيه ) المرجع السابق ص83

وخير مثال لهذا مسرحية ( بيت برناردا البا) اعمق تشبيه واكمله للقريه الاسبانيه حيث يكشف لوركا عن مطامع الهمجيه والغرائز الفظه والظلم الوحشى , والاخلاق المنافقه ويتحول الشر المتواصل والعجرفه والخرافات من جيل الى جيل .
تحليل مسرحية عرس الدم :- 

عرس الدم هى الاولى بين الاعمال لوركا المسرحيه الشعريه الكيرى التى طفق يكتبها بدا من عام 1933م .

عرضت اول مره في مدريد عاصمه اسبانيا في نفس العام 1933م وعرضت  اكثر من مره يزكر انها عرضت فى امريكا الجنوبيه في اكتوبر عام 1933م وعرضت في 1935م وعرضت في 1936م .                                                           

مسرحية عرس الدم ضمن  ثلاثية الشهيرة التى ادت الى رفع مستوى الدراما والمسرح فى القرن العشرين.

قصة المسرحية:

 حيث تدور احداث هذه المسرحيه عن اسرة ريفيه فقدت بسبب الخلافات القديمه مع اسرة فيليكس الاب وابنه . ولم يتبقى منها سوى الام وابنها الاخر الذى اكسبته الارض قوة ساعديه ولوحت شمس اسبانيا وجهه الاسمر . وقد احب فتاه جميله كانت مخطوبه لشاب من الاسره المعتديه التى قتلت ابا واخاه الخطيب . ويدعى ليوناردو من اسره فيليكس ويعزم الخطيب ( هذا الشاب ) ان يتزوج من محبوبته التى تركها ليوناردو ويعرض ذلك على امه وتتردد عندما تعلم ان الفتاه كانت مخطوبه لاحد افراد اسره فيليكس .
الام : يساوى ولهذا ارعاه قيل لى ان البنت كانت مخطوبه قبل ذلك .

الجاره : كانت سنها انزاك خمس عشرة سنه ومنذسنتين تزوج خطيبها ذاك من احدى بنات عمها . وكل الناس نسيوا تلك الخطبه

الام : وانت هل نسيتها ؟

الجاره : انت سالتيني !

الام : الناس يحبون التحدث فيما يؤلم من كان خطيبها هذا ؟

الجاره : ليوناردو

الام : اي ليوناردو ؟

الجاره : ليونارد من اسرة فيليكس .

وتستمر الحوادث وتثور غيرة الخطيب السابق ليوناردو الذي تزوج من ابنة عم الخطيبه السابقه ويلاحق خطيبته التى مازال يحبها والتى يبدو انها لم تنسه ايضا الى ان يحين يوم الزفاف فيدعو كل اطراف اقاربه ويدعى ليوناردو ايضا وفي الكنيسه قبل موعد الزفاف بقليل ينفرد ليوناردو بخطيبته السابقه و يتفقان على الفرار وينفزانه فتكون الكارثه وتثور حميه الخطيب الجديد وحمية اهله فيلاحقون الفارين .

زوجة ليوناردو : لقد هربا هي وليوناردو على فرس وكلاهما ملتصق بالاخر يتنافسان نفس الانفاس !

الوالد: هذا ليس بصحيح ! ابنتى ابدا

الام : بل هى ابنتك ثمرة ام شريره وهو ايضا لكنها اصبحت زوجة ابني

العريس : يدخل فلنطاردهما من عنده فرس الي ان يجدهما فيقتل الشابان الى ان يقتلا بعضهم بعض .

تحليل المسرحية:-

هذه المسرحيه هى من ضمن مسرحياتة تراجيديه ( ذات بعد فكرى واسع فنرى ان مشاكل الاعلاقات الخاصه بين الافراد تتعمق لدرجه تصبح معها قضايا اجتماعيه عامه ويطور لوركا هذه القضايا الاجتماعيه لتغدو قضايا فلسفيه شامله وتتداخل المشاكل والقضايا كلها بعضها ببعض لتكون سميكه متينه جدا ) المرجع السابق ص 78

نجد ان التراجديا او الفعل التراجيدي يعبر حسب المفهوم الكلاسيكي عن ( التناقض بين المتطلبات الضروريه تاريخيا واستحالة تحقيقها عمليا ) المرجع السابق 78

ونجد ان لوركا يحقق هذه الاستعاره في الشعر بصراع البلد الغجرى الصاخب  وفي المسرح على اساس ان مأسي لوركا تكمن في الصراع بين صفات الشعب المناضل للحريه والعداله وبين غباء القرى الاسبانيه .

ويتدبر ابطال عرس الدم حياتهم هذا او ذاك بنسب كبيره او صغيره وفقا لقوانين وعادات اسبانيا القديمه وجهالاتها . ولا يشز احد عند لوركا عن هذه القوانين ثم تاتى لحظه قدريه صارمه فاذا بافعالهم كلها مهمه او تافهه مع مايبدو انها لا تتعلق بعضها البعض قد تمركزت في عقده واحده وهى تشكل بمجموعهاككل قوه لا انسانيه رهيبه ويضعنا لوركا بمنطق تطور تراجدية ان اى احداث مرهونه بعالم الشر الاجتماعى مشحونه لامحاله بعواقب تراجيديه فالخطأ التراجيدي يتحمله ويتقاسمه ابطال عرس الدم كلهم ويكفرون عنه كلهم ايضا ) مرجع سابق ص 86

نجد ان لوركا لقد تطرق الى عدد من المواضيع والمناهج في هذه المسرحيه مناقشا بها قضايا وطنه . بعض من كتبوا عن لوركا يقولون انه يناقش قضية القدر والبعض الاخر يقول انه يناقش قضية المراة ولكن على حسب وجهه نظرهم ولكن كل هذه الاراء وغيرها تصب في موضوع الكاتب الرئيسى بنبز الحرب وكلنا يعلم ان في فترة كتابة هذه المسرحيه قد قامت حرب اهليه في اسبانيا و راح ضحيتها الكثير وكانت هذه الحرب السبب في قتل لوركا نفسة 

فنجد ان المسرحية فيها شئ من  التأثير الكلاسكي ولمسة شكسبيرية ما والكوميديا الاسبانيه واستعيدت اللمسات الحديثه في رمزية الموت وخلفيه اندلسيه التقليديه وتفاصيل واقعيه فهى اقرب الى الزكريات التى تتسرب عبر اللا شعور اشبه باسرياليه .

رمزية المسرحيه كانت بسسب الوضع الثقافي حيث كان بائسا ومزريا بسبب نظام الرقابه وقمع الحريه وملاحقة الكتاب و المفكريين الديمقراطيين الوطنيين يقول ان سفيشوفا ( ليس من باب الصدفه ان يركز لوركا جل اهتمامه على الشخصيات النسائيه فالمراه الاسبانيه عانت من نير مضاعف . نير النظام بكامله ككل ونير البيت فالعائله الريفيه المثاليه التى تغنى بها الشاعر الاسباني ( لوني روفيفا ) لم تعد موجوده . لقد تحولت الاسره بالنسبه للمراه الاسبانيه الى سجن وتقبلت المراه هذا السجن بصمت وصبر وكانه قدرها ) المرجع السابق 84

كما يقول لوركا في احدى مسرحياته ( عندي قاعده النعاج في الحظيره والنساء في البيوت ) بعد هذا ربما يكون تناول لوركا لالام  النساء في مسرحياته يعود الى ما افردة (جيسون ( ببصيرة فريده بدايه احساس لوركا بالخجل فيما يتعلق بالشؤؤن الجنسيه كان يشعر بالخجل والعجز وعدم الجازبيه . فلم تلقى محاولاته العاطفيه الاولى الاستجابه التى ينشرها وشكلت فكره التعاسه في الحب سبب العجز عن الاعتراف بضرورة الطبيعه وهذا المحور الاساسي في اعماله .. واكتشف جيبسون براهين واضحه على عزاب لوركا في الحب في مسرحيته الاولى التعويذه الشريره للفراشه وهى قصة صرصور يقع في غرام فراشه جريحه ولكنها تطير وتذهب بعيدا عنه .

وكان ايمان لوركا ينبض الطبيعه والحاجه الى الخضوع الى الغرائز مرتبطا بشكل واضح بقلقه الشخصي حول كبت طبيعته الخاصه اما تعاطفه مع المغلوبين على امرهم سواء كانوا عملا اجراء او غجر اسبانيا او السود في الولايات المتحده اوالنساء في كل مكان فكان مرتبطا بأحساسه باالاغتراب . وقد ظهرت هاتان الفكرتان معا فى ثلاثيه العظيمه عن الاقطاع الجنسي والقمع في الريف والطبيعه المحيطه في الزفاف الدامى ويرما وبيت برناردا البا ) الثقافه العالميه ص 226

لم يذكر لوركا مسرحية عرس الدم اسماء اعلام عدا شخصية ليوناردو اما باقي الابطال فقد يدعوهم باسماء تدل على اوضاعهم الاجتماعيه مثل الاب والام الخطيبه الزوجه وكل شخصيه تقتضى مكان اسمها فمثلا الام تمتصها العائله بشكل كامل والخطيب يتهيأ للعرس ويترك الابطال معتمدين بشكل كامل على شهواتهم ورغباتهم الخاصه في مأساة عرس الدم ثمة عداوة دمويه بين عائله الام وعائلة فيلكس تزكرنا بطابع العداء الفارغ بين عائلتي مونتيكو ويغفل لوركا ذكر الاسباب التى ادت الى قيام آل فيليكس بعملية القتل فلا نعرف متى حصلت الاهانه الاولى ولا نعرف من اهان ومن اهين ولكن اغتيال واحد يؤدي حتما الى الانتقام وبعد الانتقام يحدث اغتيال اخر , وكهذا تمتد هذه السلسله الدمويه طويلا وطويلا لقد كانت الام رائعه في حبها لابنها لو انها لم تغز هذا الحب بالكراهيه فكراهية الام لعائلة فيلكس عاطفه رهيبه عصبيه غير عادله فهى تلعن السكين التى قتل بها زوجها وابنها حالمه بالانتقام لا من القتله فحسب بل من عائلة فليكس كلها بل وحتى انها تكره ليوناردو الذي لم تتلوث يداه بدم اقرابها ولم يبدا في المسرحيه كلها اية نوايا عدوانيه وعندما يندفع الخطيب وراء الهاربين الخطيبه وليوناردو لا توقف الام ابنها فعليه ان ينتقم لا من ليوناردو فقط الذي سلبه زوجته بل وبشخص ليوناردو من عائلة فليكس كلها التى سلبته اباه واخاه ويقع الانتقام على شخص لم يشترك اصلا في عملية القتل فالام هى ملهمة هزه الانتقام الظالم وداعيه اليه . ( المرجع السابق 83 )

عناصر التراجيديا وقيمها الاخلاقيه في عدة شخصيات فى هذه المسرحيه منها والدة الخطيب التى من اجل ابنها الوحيد الذي بقى لها لكن بصدمه اجتماعيه تقليديه في نهاية الفعل الثانى بعد العرس وقبل اتمام الزواج عندما تهرب زوجه ابنها مع رجل اخر يبرز عنصر تراجيدي اكبر من مصيبة هرب هذه الزوجه اذ نجد غضب الام البالغ في الوقت نفسه مسيطرا عليها بطريقه تراجيديه بسبب كون اجراءات الزفاف قد تمت فتقول لوالد الخطيبه بنتك نبتة ام سيئه . لكنها اصبحت الان زوجة ابني .

الام هى الشخصيه الرئيسيه انها عصب المسرحيه ومحركها ومع هذا فلما يلتفت اليها احد من  الزين في هذه المسرحيه بالذات يعتبرون الخطيبين والغريم العاشق ليوناردو هم محور العمل . صحيح ان هذه الشخصيات تتحرك على الخشبه وفي مايروى حينما لايكونون حاضرين ان الا الاحداث كلها مبنيه على العلاقات المعقده بينهم ولكن الام هذا الكائن الواقعي الخرافي في ان معا هنا هى التى تحمل  عبء روح المسرحيه لانها تمثل يد القدر

وتبدو قرينه للمراه الاخرى المتشحه بالسواد والتى تطارد العاشقين انها اصبحت ممثله الموت في عمل يبدو الاكثر اسبانيه بين كل ما عرفه المسرح الاسباني .( الانترنت )

ولكن لم تكن الام هى المحرك للاحداث وحدها لان مسرح لوركا يتميز بان لايوجد هنالك بطل منفرد بل كل شخصيه هى البطل وهى المحرك الاساس في المسرحيه اي كل الشخصيات تشترك في تطور الاحداث قد يبدو ان الاب لايشبه الام والدة الخطيب غير انهما يفكران ويحسان ويسلكان على طريقة واحده , هما لم يصطدما ابدا وسيكولوجية الاب هى سيكولوجيه المالك اما الام فتمتزج عندها عاطفه الام بعاطفه اخرى تشوه هذا الحزن ولكن لاتنفصل عنها بل تنشطها وتثيرها وهذه العاطفه هى الشعور بالملكيه ( رجل وسيم في ثغره زهره يغدو الى الكرومه واشجار الزيتونه , وكل هذا ملك له لانه ورثه ولا يعود هذا الرجل )                                                     

( مجموعه من المؤلفين )

ونجد ان شخصية الاب من الشخصيات التراجديه زو المظهر السلبي رجل متفرغ بالكامل للاهتمام بأملاكه حتى زواج ابنته لم يكن يعنى له سوى ذياده هذه الاملاك ولم يكن له اية حماسه لاى امر لا يتصل بتحسين وضعه المالي . اما الخطيب فعلى الرغم من حشمته وحياءه لايهتم كثيرابعواطف فتاته التى يحبها لا يحاول فهم قلبها , وينظر اليها بعد الاكليل كما ينظر الى عقاره الذى يملكه وعندما يقرر الخطيب الانتقام , وتدعمه الام وتشجعه عليه , يعترف الجميع بصوت واحد بحقه في الانتقام . وفي هذا المشهد تنتهك اقدس المقدسات ينتههك الشرف والواجب والدين والعائله ولا يرتفع صوت ليدافع عن الهاربين حتى الوالد وزوجة ليوناردو يصمتان وهذا مايجب وماذا يقولان ايتمساكا ن بمبادئ غير هذه ؟ ام لم يشتركا ويساهما في غرس هذه الاخلاق ؟ فقد جرحت زوجة ليوناردو كرامتها بزواجها من شخص لايحبها فهى تقول له ( فقد لاقت امي نفس المصير ولكني لن اترك بيتي ولن اتحرك بدونك ) .

اينما حلت العادات والتقاليد لايمكن ان تترك فهاهى والدة زوجته ليوناردو تأمر زوجته ( الزمي بيتك ستبقين وحدك في بيتك لتشيخي فيه وتبكي لكن من وراء باب مغلق . احي هو ام ميت ؟ على اية حال , سنغلق النوافذ وندق فيها المسامير )

ولكن ليوناردو نفسه مع انه يبدو طيبا الم يتزوج بلاحب ؟ الم ينظر الي زوجته كحيوان اعجم لاعطف عليه ولاتقدير لعواطفه ؟

اى ان نقطة الانطلاق في تراجيديا عرس الدم هى اسبانيا القديمه بعاداتها وتقاليدها .

الخطيبه يعني الام هنا رمزا ما اصبحت خطيبة نمت خاضعه لاحد ما , غير انه لازالت امامها الفرصه . لتكون حره و تخرج من اطار حياتها الضيق ومن العبوديه والوضع المفروض على الزوجه النهايه التقليديه ان الخطيبه عند ما تخطب تخطب معها حريتها وهذا ماكان يقلقها ويرهقها ومع اصغائها لصوت الحب والدم فهى لاتتبع هذا الصوت حتى النهايه ومن اعتبرته زوجها ليس الذى هربت معه بل الذى تكللت معه . ولهذا حافظت على صفائها ونقائها واخلاصها لخطيبها ان عصيان الخطيبه غير كامل وقد اقدمت عليه في وقت متأخر قاضيه بذلك بالموت على من تحب وهنا يصل اللحن التراجيدي لوحده الحب والموت الى نهايته مرويا في شخصية الام ان الخطيبه هى لا تتوقف لحظه عن حب ليوناردو تقبل بالزواج راضيه وتسير ضد مايمليه عليها قلبها وهى نفسها تخاف من عواطفها القويه تجاهه فهى من اجل ليوناردو قادره على القيام باى عمللا جنونى انها تحبه لذاته شخصيه لاشئ اخر غير ان المجتمع لايسمح لها كفلاحه اسبانيه ان تقوم بعمل يخالف التقاليد  والتقاليد تملى عليها ان تتزوج لتنجب الاطفال لا الحب لهذا تشعر بالاثم والجريمه من حبها لليوناردو وتحاول اقناع نفسها كذبا بأنها تحب خطيبها . ( دراسات في الادب والمسرح-  ص 88- 91 ) .
جانب من جمهور العرض ويظهر الاستاذ المخرج هاشم البدوي

نجد ان السكين كانت الوسيله التى انتجت المأساة كان لوركا رقيق في كتابته في انه اختار اصغر وسيله قتل لتكون هى سبب المأساه .

فالبطل الحقيقي الوحيد لهذه المسرحيه عرس الدم وكل مسرحياته هو الشعب وروح الشعب هى النقطه الانطلاق الثانيه لمسرحية عرس الدم فلوركا لم ينهى المأساه بموت ليوناردو والخطيبه حتى انه يكاد لايظهر الموت على المسرح والصفحات الاخيره من عرس الدم مكرسة للام والخطيبه ويندمج صوتهما في الخاتمه في صوت واحد لقد كرهت الام سابقا السكين عندما  كانت في ايدي عدوها اما في يد ابنها فقد بدت السكين نفسها وسيله للانتقام العادل ولكن هاهى تلعن الموت ذكرى لمقتولين ابنها وعدوها     لام يا .. كان مقدورا انه في ذات يوم بين الساعه الثانيه والساعه الثالثه وبسكين بسكين صغيره سيقتل كل من العاشقين الاخر ثم بسكين سكين صغيره لاتكاد تملاء الكف ولكنها تنفذ بخفه في اللحم على حين غره ثم تقف في الموضع الذى يرتجف عنده جزر الصحه الغامض.

العروسه : انها سكين سكين صغيره لاتكاد تملاء الكف سمكه بغير فلومس وبغير نهر وفي اليوم المحور بين الساعه الثانيه والساعه الثالثه بهذه السكين الصغيره يجمد رجلات الى الابد وتصغر شفاههما . ( نص عرس الدم – ص 42 )

وخلال المسرحيه كلها كانت من الام والخطيبه بسلوكها وافعالها تعارض سلوك الاخرى وانهالها . غير ان اللقاء التراجيدي الاخير عوضا عن ان يقوى العداء بينهما فقد اضعفه . ويثبت لوركا , التقارب النفسي الملحوظ بينهما فقد فقدت كل واحده منها ذاتها الاخرى يتميز جميع ابطال هذه المأساة عدا الاب بوحده لغويه مجدده وما وحدة اللغه عند ابطال عرس الدم الا تعبير عن وحدتهم الروحيه وروحانيتهم الداخليه الخاصه وتعبير عن قدراتهم على العاطفه الملتهبه القويه اما الشخصيات التى تنتمى الى عالم الشر فيجردها لوركا نهائيا من الطاقه الانفعاليه الشعوريه . اما اغاني الاعراس في عرس الدم التى يستخدم فيها لوركا بشكل واسع رمز الالوان الشعبي الا قصيده غنائيه كامله تمجيد الحب والطبيعه الحيه .



                                                                                                             الاهى عروسة                                      

صباح العرس وافى

تدور الدائرية

وفى الاطناف باقة

الاهى بغضت
إضافة تسمية توضيحية

من الحب النضير

الاهى بساق

وغصن الغاز وافد

الاهى بشعر

طويل مستعاد

وتوب من حرير                                                                                                                                                                                                   وحفل من لجين

وتاج الياسمين

العريس البطل

مثل زهر الزهب

تنحنى ازهار القرنفل

حيث يخطو بقدمية



          

والياسمين في الشعرالشعبي الاسباني رمز الاخلاص اما القرنفل فهو رمز الحب الشديد ان هذه الصوره النقية الجزلة للعالم الذى يبدو من خلال هذه الاشعار تناقض بشده سلوك  وعواطف ابطال المسرحيه . ( المرجع السابق- ص99 )

ولم يتوفق لوركا في بداية مسرحيته بشخصيه الام وحديثها عن مافقدتهم لانها بذلك صرحت عن فكرة المسرحيه من بداية اى بزلك تكون مباشره .

وبعض احداث هذه المسرحيه ترصد النتائج لهذه المواقف حدثت في مكانا وزمانا ما ومعظم الذين كتبوا في المسرح لوركا يؤكدون ان لوركا يناقش جزور المواضيع .



المراجع والمصادر :-

1- بول بستون – ترجمه حسين حامد – مجلة الثقافه العالميه – الكويت – المجلد 9 – العدد 49 – 1989م

2- فيدركو غارسيا لوركا – ترجمة محمود السيد على – "ديوان التمارتب" – المجلس الاعلى للثقافه – المشروع القومي للترجمه – 1998 م .

3- مجموعه من المؤلفين – ترجمه نزار عيون السود دراسات في الادب والمسرح – منشورات وزارة الثقافه والارشاد القومي – دمشق عام 1976م .

      


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق