الجمعة، 9 مايو 2014

دراسات في مسرح السودان الواحد- الاستاذ الناقد هيثم مضوي

دراسات في مسرح السودان الواحد (3-10)
قراءة نقدية لمسرحية دراما است يم تفاح 27-3-2006
الاستاذ الناقد هيثم مضوي
صورة من انشطة مركز التقدم للدراسات



تقديم:
قدمت هذه الورقة بجريدة المشاهد بالتعاون مع مركز دراسات التقدم في 27-3-2006
شارك بالتمثيل في هذه التجربة من جماعة مسرح السودان الواحد كل من(ميسون عبد الحميد، صافيناز بنيامين، وجدان سعيد، انس كمال الدين، ابوطالب محمد، علي يونس، مؤيد الامين، سفيان فتح الرحمن)..الموسيقى والمؤثرات الاستاذ عاطف صالح ، التأليف والاخراج يوسف احمد عبد الباقي (يوسف ارسطو).
اما عن جماعة مسرح السودان الواحد فقد تكونت في العام 2004 بالمركز الثقافي الفرنسي بالخرطوم نتيجة وحصاد ورش(عنيت ببناء العروض والتشخيص) اقامها اساتذة سودانيين وفرنسيون والجماعة ذهبت في نفس الاتجاه فهي جماعة اكاديمية تتبع المناهج العلمية لبناء العروض والأدوار وعمل دراسات ذات صلة بمشروعاتها تتبنى نظام البحث السريع بالمشاركة(البحث الجماعي) او ما يعرف بالورش المسرحية لبناء العروض والشخصيات(work shop).
بنية النص و العرض:
تحكي المسرحية عن فرقة مسرحية يقوم بقيادتها وتدريبها شخصية (مدرب الفرقة) ويعمل على اعداد عدد من العروض المسرحية لتعرض للجمهور،يفرض مخرج اخر من خارج الفرقة ليدير الفرقة بمخرجها و اعضاءها، فيحتج مخرج الفرقة  ويعلن تمسكه بمبادئه ويقدم استقالته رغم الاغراءات التي قدمت له من المدرب المعين على الفرقة ،لكن مدرب الفرقة الجديد يستمد قوته ونفوذه الحقيقي من قوة خارجية،ولانه فرض فرضا على الفرقة دون تدرج وانتخاب طبيعي ..فيتكشف لأعضاء الفرقة فسادة وعدم تمرسه وقدرته وقيادته للفرقة..بل فساده الاخلاقي فيعزلونه نتيجة لذلك اما بنية العرض فقد اتكأت على المقولة الاساسية للحكاية وفكرة الانسان الذي يفرض نفسه او تفرضه جهات ما على جماعة ويحاول ان يسيطر عليهم بالقوة ويفرض اراءه ومناهجه الخاصة لادارتهم وعمل الفرقة او الجماعة وهو غير كفء لإدارتها وقيادتها رغم وجود الكفاءات  الا انه يراهن في السيطرة بالتغيير في مفاهيم ومناهج وقناعان الجماعة حيث يتضح ان هنالك جهة نافذه قامت بدفعة وتعينه وهي لها مصلحة في السيطرة على الجماعة اما تصنيفنا للنص والعرض فهما يتجها من شكل الكتابة والبناء للعرض ناحية التجريب  لغياب الشكل التقليدي للكتابة المسرحية والعرض ،من بداية ووسط ونهاية وانما هو نص دائري ينتهي بنفس البداية التي بدا بها وعلى ذات المنوال نجد ان اللغة رمزيه عامية تعبر عن افكار الشخصيات ورؤيتها  وعالمها النفسي خاصة وتعبر عن دواخل الشخصية
الصراع في المسرحية:-
الصراع في المسرحية موضوعة الاساسي السيطرة،من يسيطر على من فالفضاء الدرامي لعبه مسرحية بمعنى اللكلمة(play)فالشخصيات
الموظف المنتدب..الموظف الرسمي ..الموظف على كيفوا
 تجليات و تمظهر للسيطرة والقوة التي تحاول ان تسيطر وتحاول ان تفرض نفسها وسيطرتها على بقية الشخصيات عن طريق استخدام نفوذها السلطوى او المال لشراء الضمائر والنفوس او أي شي تراه يوصلها لأهدافها،فكل شي مباح في نظر هذه الفئة فلا اخلاق ولاقانون  فالقانون قانونها الخاص وهو قانون الغاب،القوي يأكل الضعيف من الامثلة التى تدلل على ذلك حوار
الموظف المنتدب:اسمعوا الفرقة دي حقتي وانا بصرف فيها بي طريقتي وانا منتدب عشان الحكاية دي الحاجة دي بالتحديد والماعاجبوا يطلع بره
من انشطة مركز التقدم للدراسات
ومنه نلاحظ اختيار الكاتب لفضاء رمزي لتوصيل فكرته وهي الفرقة المسرحية وهي ترمز لمؤسسة ما فرهان الكاتب على المتخيل والحلم للتعبير عن واقع عبثي تجسده شخصيات واقعة تحت ضغط قوى اكبر منها فالشخصيات جلها تقريبا تعاني من اثار السيطرة
المدرب:-الناس ديل عذبونا بالطريقة دي حانموت خلاص...
ويرى بورديو(مفكر فرنسي) ان لمفهم السيطرة اشكال مختلفة حيث تظل الدولة في العالم الحديث هي الموقع الذي ينظم السيطرة ويجددها ويحددها باستمرار عن طريق مؤسساتها المختلفة.وبقدر مايرى بورديو ان الدولة تعيد انتاج السيطرة لما لانهاية فانه يرى وفي اللحظة ذاتها ان المسيطر عليهم وفي الوضع الذي يعيشون فيه عاجزون عن وعي السيطرة واسبابها فالمسيطر عليهم او الخاضعون يملكون اسئلة ويتحلون ببعض الاجابات ولديهم اشكال من المعرفة غير ان هذا لايعني ابدا انهم يتمتعون بوعي متسق او وعي عضوي يكشف لهم عن السيطرة الواقعة عليهم واسبابها،وتنبثق عن هذا الموقف ارادة المثقف او عالم الاجتماع في تحرير المسيطرعليهم من عالمهم الايدلوجي لانهم عاجزون لوحدهم عن ادراك صحيح لظواهر السيطرة ويرى بورديو انه على هذا يكون على (المثقف الرسولي) رغم تقادم التعبير ان يمد المضطهدون بوضوح يحتاجونة وان يجعل اليات واشكال السيطرة واضحة لمن ينقصهم الوضوح وهذا ما حاولت ان ترسخه هذه المسرحية.
الاخراج:
المخرج حاول اشراك الجمهور في اللعبة المسرحية ، فالفعل المسرحي غير مكتمل يقطع بواسطة (الغناء – الرقص ) . لقد راهن العرض علي الجمهور الذي يكمل بخيالة الفراغات التي في العرض .
الشخصيات : ايها السيدات والسادة كما ترون ما يحدث امامكم جزء من النص الحقيقي فالمخرج حول الافكار الي صور بصرية واعتمد علي الممثلين كثيرا في توصيل افكارة الي انه رغم اجتهاد الممثلين في تأدية الشخصيات الا ان بعضهم لم يوفق لقلة الخبرة في التمثيل .
الموسيقى والمؤثرات: كانت عنصر اساسي في العرض .. فقد خلقت نوع من التواصل الحميم بين الجمهور والعرض المسرحي فهي كثفت الحدث وعملت علي توصيله الي الجمهور وبدونها يفقد العرض الكثير فهي في هذا العرض من العناصر الاساسي ولا يمكن الاستغناء عنها في توصيل الرؤية الاخراجية .
المخرج حاول خلق نوع خاص من الفرجة المسرحية لان هدفه المتفرج لذلك حاول التقرب الية عبر عناصر الاخراج المختلفة بالتركيز علي التمثيل والموسيقى لذلك لم يلتزم بمدرسة مسرحية محددة وانما يستخدم المخرج عناصر الاخراج بهدف تقريب الفاصل بين المتفرج والعرض .
واخيرا فالمسرحية تعبير عن اللاوعي الجمعي لمجموعة او مؤسسة ما ترفض القهر والظلم الذي يفرض عليها وتقاوم ذلك.
لكن الكاتب – المخرج تجاهل ان لكل سلطة شروطها وفلسفتها الخاصة التي حاول ان تفرضها علي المجتمع وان المقاومة غير المؤهلة بالقوة والحكمة والمعرفة لايمكن ان تنتصر.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق