السبت، 25 مايو 2013

القفز على الحواجز سقوط الاقنعة الفنية وموت المنهج



القفز على الحواجز سقوط الاقنعة الفنية وموت المنهج
دراسة فى نقد النقد وعرض مسرحية
" دراما – ستيم – تفاح "
 محمود حسن فكاك


                                            
الاستاذ الناقد محمود حسن فكاك


    تحاول هذه الدراسة ان تسقط الضوء على عرض مسرحي نفترض فيه الاختلاف نسبياً عن ماهو سائد وذلك من خلال دراسة نقد النقد حول ورقتيين نقديين قدمتا عن العرض الاولي قدمها الناقد هيثم مضوي والثانية قدمتها الناقدة الشابة ميسون عبد الحميد ، ومن ثمة يكون العرض هو القراءة الفاصلة بين حدود الاوراق النقدية المقدمة .
أولاً :
هيثم مضوي والنقد التحليلي :-
       قدم الناقد هيثم مضوي من خلال ورقته النقدية عن العرض ، التى قدمها بجريدة المشاهد من خلال الاسبوع الذى نظمه مركز دراسات التقدم في مارس 2007م.
      افترضت الورقة أن النص تجريبي من ناحية الكتابة وغياب الشكل التقليدي من بداية ووسط ونهاية وإنما هو نص دائري ينتهي بنفس البداية التي بدأ بها ، وهذا الافتراض فيه قولان وينفي ماجاء به على إعتبار ان ماقيل يقع في باب التناقض لأن البداية في المفهوم المسرحي او كما عرفها أرسطو هي البداية التي ليس قبلها شئ بمعني ان اي مسرحية تبدأ من أي نقطة تعتبر هذه هي البداية والنهاية هي التي ليس بعدها شئ ، والوسط هو مايقع بينهما من أحداث ولعل الناقد أراد القول بأن المسرحية لان تحتوي على عقدة مركبة وزروة وغيرها من المفاهيم التقليدية المرتبطة بالكتابة المسرحية كما حددها ارسطو طاليس في كتابه " فن الشعر ".
وقد قسم الناقد الورقة الى عدد من العناوين الجانبية تحدث فيها عن اللغة في المسرحية وإعتبرها رمزية عامية تعبر عن افكار الشخصيات ورؤيتها للعالم وعالمها النفسي وهي نقطة ايضاً يكمن الجدل حولها لاحقاً في قرأتنا للعرض .
     أما عن الصراع في المسرحية فقد اعتبر الناقد ان الفضاء الدرامي يعبر عن لعبة مسرحية وأن الكاتب قد إختار فضاء رمزي لتوصيل فكرته وان الفرقة المسرحية تمثل هذا الفضاء بشخوصها الواقعية وقد نتفق مع  ان الفضاء الدرامي يعبر عن لعبة مسرحية لان المسرح اصلاً مبني على فكرة " اللعب play " وان المسرحية تترجم الي " play
      كما وان الورقة تطرقت الي محاولات المخرج لاشراك الجمهور في العرض وافترضت ان الفعل المسرحي غير مكتمل يقطع بواسطة الفضاء والرقص وان الجمهور هو الذي يكمل فراغات العرض وفي ختام ورقته يقول الناقد ان المسرحية تعبر عن اللاوعي الجمعي لمجموعة او مؤسسة ترفض الظلم والقهر الذي يفض عليها وتقاوم ذلك هذه هي خلاصة ورقة الناقد هيثم مضوي حول العرض ويمكننا القول ان الناقد حاول تحليل العرض وفق بعض الاشارات التي وردت بالعرض  وهي محاولة جادة لفك الشفررات التي ارتسمت على ملامح العرض الا ان الورقة جبنت عن ربط العرض بالواقع الماثل وحاولت التحايل عليه بفك شفراته في ذلك الاطار الضيق .
ثانياً : ميسون عبد الحميد والنقد النظري :-
     الورقة الثانية هي التي قدمتها الناقدة ميسون عبد الحميد والتي جاءت تحت عنوان " حرية النعبير في المسرح ، نموذج مسرحية دراما ستيم تفاح " والتي قدمتها ضمن فعاليات اسبوع المسرح والقضايا الحية " الذي نظمته جماعة مسرح السودان الواحد بالتعاون مع جمعية الفجر الثقافية بجامعة امدرمان الاهلية ، علي الرغم ان الورقة افترضت من العنوان انها تطبيقية باعتبار وجود نموذج هو عرض / نص ( دراما ستيم تفاح ) الا انها وقعت في فخ النظرية فحاولت  من البداية وضع تأسيس نظرى بتقديم تعريفات عن ماهية الحرية والتعبير والمسرح والدراما ، تحدثت الورقة عن مشكلة الحرية والحريات بأقسامها المختلفة افترضت ان الحرية جزء لا يتجزاء من مفهوم الديمقراطية.
     والي هذا وذاك حاولت الورقة القفز فوق كل الحواجز النظرية لترتبط المسرحية بمفهوم المسرح الفكري ومع ان المسرح في اساسه هو نشاط فكري يتوسل بالمذاهب المختلفة لتوصيل افكاره وبالتالي تصبح نظرية المسرح الفكري التي حاول الكثير من النقاد المصريين التأسيس لها الا انها تقع في مغالطة ضد الفعل المسرحي في تنشئته وبنائه في أن معاً .
     قفزة اخرى قادتنا لها ورقة الناقدة الى مفهومها حول حرية التعبير في المسرحية وقصدت بها التعبير الذاتي أو المقدرة على التعبير الفني دون تدخل رقابة تحد من العملية الابداعية والاختلاف هنا يقع في الاتي .
1.                        فكرة حرية التعبير تعني ان المسرح غير مقيد بأي اشكال رقابيه وبالتالي لا توجد تابوهاتها او مقدسات تعصي على طرحها في خشبة المسرح سوي ان كانت سياسية ، ثقافية ، اقتصادية أو لا هوتية حتي .
2.                        في ذات الوقت ضيقت الورقة الخناق علي العرض واعتبرت ان المسرحية حالة من حالات التعبير الذاتي للمثلين وان المسرحية تحاول ان تناقش قضية حرية التعبير وهذه وجهة نظر .
3.                        ولكن المفارقة الكبري تكمن في ان الورقة حاولت ربط كل ذلك باداوت التعبير عند الممثل واختصرتها في الجسد والقناع والازياء والحركة وقسمتها الي مستويين سمعي وبصرى وهنا يكمن الخلط المنهجي وبشكل تعميمي ، خلصت الورقة الي ان المسرحية تتفق مع مواد حقوق الانسان ( 18 ، 19 ) واللتان تعطيان لكل شخص حرية التعبير والرأي والاديان وغيرها وهذه ليست اتجاهات العرض .
دراما – ستيم – تفاح
القفز على الحواجز وسقوط الاقنعة الفنية وموت المنهج
عرض دراما استيم تفاح في وجهة نظرى هو حالة من حالات التصعيد فالعرض بكل بساطة صعد كل اشكاليات الفرقة / المؤسسة الفنية من مستواها الحياتي الي مستوي فني على خشبة المسرح . فقد قدم العرض قطعة عبثية تغريبية تكفر بكل المناهج والمذاهب المسرحية ولا تؤمن الي بقيمتها الفنية وبالتالي العرض يتطلب دراسة مضامينية في اطاره الاسقاطي الفني .
القفز علي الحواجز وسقوط الاقنعة :
بكل جرأة استطاع العرض ان يلخص الاشكاليات  المرتبطة بالفرق والجماعات والمؤسسات المسرحية وفق لفكرة المبدأ التي تحكم قيم الفنان علي مستواه الاخلاقي وتبين في الوقت نفسه موقفه الطليعي تجاه فنه أو انحيازه للسلطة وإذا كان المسرح في جوهره تجسد للوعي الناشئ اصلاً من غياب الحرية فبالتالي فان المسرح مطالب بالاساس بالتعبير عن هذه الثنائية داخل اطره المتعارف عليها لذلك كان العرض قفذاً علي الحواجز وكشفاً لمسكوت عنه للحركة المسرحية في انحياز الكثير من أفرادها لمستوى
السلطة المتمدد في الاشكال المختلفة ومن هنا فإن وزارة الثقافة هي سطلة على المستوي العام وسلطة على مستوي التنظيمات الثقافية ومسجلها ودستورها المنحاز .
     ايضاً المسرح القومي سلطة على مهدي ومسرح البقعة هيئة الدولة للمسرح سلطة ، وكلية الموسيقي والدراما باسطافها سلطة لذلك كأنما ارادت المسرحية ان تقول ان الابداع لا يتفضل عن الايدلوجيا والايدلوجيا لا يمكن ان تكون تابعة وان الوعي لن يكون خزينا لذهن السلطة السائدة بمفهومها المطلق وانحاز العرض اخيراً لايدولوجيا الفن .
    اذا كان المسرح كما يقول رولان بارت " ازدهار وتفتح الجسد " فإن الخطوة الاولى هي اكتشاف قدرته على تحقيق المعادلة المسرحية وتاكيد حضوره الفاعل كانسان من خلال تجسيد وحضور الشخصيات التي يمثلها من خلال انطلاقة واسعة في الزمكانية المحدودة فبالتالي فإن انحياز عرض مسرحي لمنهج ما هو التزام ضمني بايدلوجيا يتكي عليها ذلك المنهج .
     لكن في حالة مسرحية " دراما – استيم – تفاح " فإن العض بتحولاته داخل وخارج المناهج من " تغريب وعبث ورمزية وواقعية " هو كفر بهذه المناهج .
فإذا كان التغريب او الانسلاب هي التقنية التي ابتدعها اصطلاحياً بتولد برخت كإسلوب ااتمثيل ضمن اساليب المسرحية أو التمسرح يؤكد خلاله الممثل على مسرحيته نافياً اي ايهام من اي نوع بانه هو الشخصية الممثلة وهي كمصطلح تعني اغتراب الاغتراب او نفيه وسلبه غرائبيته وشذوذه كحالة انسانية عامة وبالتحديد كدفع اجتماعي اقتصادي وليس كحالة تمثيلية .
ولذلك فان الطابع العام للعرض هو تغريبي او ملحمي فان العرض يكفر بهذا المنهج من خلال حضور الرمز كحالة اخري من حالات العرض ايتداءاً من العنوان مروراً بالشخوص واللغة والتي يغلب عليها الطابع العبثي اضف الي ذلك نقطة هامة جداً ترتبط بقدسية النص والتي بدورها يعلن العرض كفره بها واذا كان الممثل الذى يقع في أسر النص يعجز في النهاية عن الوصول بشعوره الذاتي المسرحي الي الانسجام الحقيقي مع الشخصية فان العرض يكسر هذه القداسة ويحولها الي فعل لا استهلاكي ومتجدد فالعرض الذى شاهدناه في البقعة يختلف عن عرض مسرح جريدة المشاهد يختلف عن عرض نادى القصة من حيث اللغة والشكل ولكن يتفق من حيث المضمون.
ويمكننا ان نخلص من كل هذا الي ان العرض يمثل حالة من حالات الكفر المقدس بكل المناهج المسرحية فيما يتعلق بالقضية المطروحه ويتكئ العرض بشكل اساسي على الممثل ليقود العرض الي بنيته الكلية مع التأكيد التام على الدور الذى تلعبه الموسيقي في العرض والذى تشكل نسبة 50% من بنائية العرض وتظل هي الثابت والمتحول في العرض معاً لذلك يمثل نجاحها نجاح العرض نفسه.
نادي القصة 28-2-2008م

هناك تعليق واحد:

  1. نشرنا اليوم ورقة الاستاذ الناقد محمود حسن بتصميم جيد

    ردحذف