العائلات الحاكمة الصغيرة الثقيلة جداً-منصور الصُويّم
*أساطير صغيرة
العائلات الحاكمة الصغيرة الثقيلة جداً
منصور الصُويّم
*زاوية يومية بصحيفة (اليوم التالي)
يحكى أنّ قصة متداولة عن أحد الولاة في منتصف تسعينيات القرن الماضي تعكس
بدقة متناهية العقلية التي يدير بها (الراعي) رعيته وولايته في هذا السودان
الجميل، القصة تقول إن الرجل تم تعيينه (فجأة) واليا على واحدة من أكبر
ولايات غرب السودان، وأنه لمم أشياءه سريعا واتجه إلى هناك، وفي أول لقاء
له مع (رعيته) ظهر شاحبا وبلحية شعثاء، تكلم عن الحق والدين، وهتف (لا
لدنيا قد عملنا)، ثم أنشد (أماما أماما جنود الفداء) و(النار بدارك شبت
فتقدم يا حاميها)، ثم أجهش بالبكاء وبكت معه الرعية، التي (صدقت) أن
(الإنقاذ) جاءها أخيرا.. ثم وبعد كذا يوم، اكتشفت الرعية أن جيشا من
الموظفين (الخاصين) جاءوا قادمين مع الوالي المنقذ، ليستلموا بين ليلة
وضحاها أهم المناصب (المالية والضرائبية والزكوية)، وأماما أماما يتقدمون
الوالي كأهل وعشيرة حاكمة. قال الراوي: إذن، صار شائعا جدا أن يأتي
(المسعول) الجديد ومعه حاشيته من الموظفين والعمال وحتى الحرس الشخصي
وناقشات الحنة وضاربي الرمل. فبعد الإعلان الأولي بأن فلانا صار واليا أو
معتمدا أو أي منصب سيادي آخر، حتى يتراكض الأهل ويتبارون في الاحتفال ثم
يهيئون أنفسهم للنقلة (الكبيرة) المتوقعة مع استلام (الوالي - المعتمد)
الجديد لمنصبه، والتي تبدأ – النقلة – من توظيف البنيات والوليدات، إلى
تعيين المديرين والمستشاريين والوزراء ووو وكله من الأهل. قال الراوي:
ومن (الحاجات) العجيبة (جدا) في هذا الشأن ما نشرته الصحف قبل أعوام قليلة،
من أن كم وعشرين وزيرا اتحاديا ينحدرون من ولاية واحدة ومحلية واحدة داخل
الولاية وقرية داخل المحلية، وأولاد مدرسة ودفعة واحدة؛ أنهم يستحوذون على
99% من المناصب الوزارية في الحكومة الاتحادية! ولو طبقت نظرية (العز
بالأهل) التي تدير الشأن العام في البلاد فستكتشف أن كم وعشرين عائلة فقط
(متداخلة النسب) هي التي تسيطر على كل شيء في هذه البلاد (المسكينة)!!
ختم الراوي؛ قال: من الطرائف التي تروى عن التدوير الأسري – القبلي لمفاصل
الأشياء في دولة بني سودان ما يحكى عن الوزيرة التي بمجرد توزيرها عينت
شقيقها مديرا لمكتبها، ولما سئلت ووجهت بذلك وجدت لها مخرجا فقهيا لم يخطر
على بال (بشر).. "إذْ قالت لهم حتى يكون لي محرما". استدرك الراوي؛
قال: المشكلة أن العائلات الحاكمة تحكم بنظرية (ما دايمة الهط والبع سريع
واتخارج) وإن مكثوا قرنا فهم في لهط وبلع ولبع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق