الثلاثاء، 2 يوليو 2013

طرد بايعات الشاي ... من المسئول ... ومن المستفيد ... ؟ كتب يوسف ارسطو



طرد بايعات الشاي ... من المسئول ... ومن المستفيد ... ؟ 


كتب يوسف ارسطو
     مع بداية العام الدراسي الجديد هنالك ظاهرتين تلفتان الانتباه ، الاولي هي محاولة توحيد الزى للطلاب والذي يتنافي مع فلسفة تأسيس الجامعات ، التي في واحدة من صفحاتها فكرة التنوع والتعدد كسمة لاي جامعة بعيد عن التاطير لتوجهات الطلاب وأمزجتهم ، والثانية هي محاولة طرد بايعات الشاي الي خارج أسوار الجامعة ، وهذه الظاهرة نريد ان نقف عندها ، والتي هي بالضرورة لا يمكن ان تقرأ في اطار انها قرار جامعة او كلية واحدة فهولاء المجودون في الادارة (لا بودو ولا بيجيبو ) ونادر ما نجد من ات لي موقعه المعين من خلال امكانياته عبر منافسة حقيقية وشريفة ، قائمة علي المعاير المؤهلة للوظيفة المحددة ، لذا فهم عبارة عن سدنة وادوات مثل احجار الشطرنج يتم تحريكم كيفما اتفق لصالح تنفيذ مخططات الفئات الطفيلية التي تؤمن بان استمرارها وسيطرتها مرطبة بالسيطرة علي جميع موارد الشعب السوداني وتجويعه وازلاله  عبر نظرية ( جوع كلبك يتبعك ) .
      ولكي تكتمل الصورة في ازهان القراء لابد من ان تفهم في سياقها التاريخي ، حيث عقدة هذه الفئة الطفيلية مؤتمرها العام في العام 1969 م وتوصلت الي ان السيطرة علي زمام الأمور في السودان وحكمه ، لا تتم الا من خلال السيطرة علي موارد الشعب وعلي وسائل الاعلام المختلفة ، حيث استطاعت هذه الفئة ان تمتلك معظم الصحف في فترة وجيزة ، واشترت عدد من الأقلام المستقلة لتمرير خطابها ، وأسست مجموعة من البنوك تحت غطاء الدين الحنيف ، وفي ذات الاتجاه أتبنوا اقتصاد السوق الحر ( تحرير السوق ) والخصخصة ، حيث تم خصخصة وبيع عدد كبير جدا من مؤسسات الشعب السوداني (القطاع العام) واحتكارها لصالح فئات طفيلية محدودة ، وبالتالي نهب موارد (الشعب) الدولة عبر القوانين وباسم الخصخصة ، والنتيجة الان هي امتلاك هذه الفئات معظم مؤسسات الدولة ، بدأ ب ( السكة حديد – ومشروع الجزيرة – الاتصالات – والبريد والبرق –والمواني البحرية – والنقل المكنيكي – والطيران المدني – الهيئة القومية للكهرباء – وقطاع المواصلات – وبعض مؤسسات التعليم والصحة ...الخ ) ، اما في الجامعات فقد بدأت الحكاية بتحطيم آمال الطلاب بتصفية السكن والإعاشة المدعومتين ، وتحويل ادارتها الي ما يعرف بصندوق دعم الطلاب ، الذي أصبح الان (طلاب دعم الصندوق ) اذ ان الطلاب هم من يقوم يدعمه من خلال الرسوم الدراسية الباهظة ، وقد تم السيطرة واحتكار الداخليات والاستثمارات التي تتبع لها وكذلك التي تتبع للجامعات لخاصتهم ليصبحوا أذان وعيون لهم .. وبالتالي طرد بايعات الشاي من داخل حرم كلية الموسيقي والدراما هو جزء من المسلسل العام ، علي وجه الخصوص حرمان الطلاب من واحدة من منتدياتهم المفتوحة ، التي ساهمت في رفع وعي الكثيرين عبر النقاشات العفوية التي كانت تدور من خلال أكواب الشاي والقهوة ، حيث تكونت البزور الجينية والأفكار الأولية لعدد من الفرق والجماعات الموسيقية المسرحية تحت ظلال هذه الشجيرات .
          نعم لقد طردوا ناس خالتي (مقبولة) دون ادني شفقة ، ولم يراعوا ان المئات من (ستات الشاي) يعولون أطفال ، ولديهم من الطلاب الموزعين في المراحل الدراسية المختلفة من الأساس حتي الجامعة .. ففي جامعة امدرمان الاهلية استطاعة الخالة (جمعية) ان تدخل احدي بناتها الي كلية المختبرات الطبية من خلال هذه المهنة الشريفة ، هذا علي سبيل المثال أكيد كل واحد منا في ذاكرته واحدة من الأدوار البطولية التي يقومون بها العاملات في هذه المهنة تجاه أسرهن ، بالرقم من ما بتعرضنا له من مضايقات من قبل السلطات (الكشات) ومن بعض ضعيفي النفوس .
          والذي ربما لا ينتبه له  صانعوا مثل هذه القرارات هو العواقب المترتبة عليها ، من تشريد لأسر وحرمان أبناء اسر أخري من مواصلة تعليمهم ، ليكونوا أسيري الأمرين الفقر والجهل ، وبالتالي زيادة جيش الأمية والمشردين ، فضلا عن دفع الكثيرين بسبب الحاجة الي وسائل الكسب الغير مشروعة مثل (الدعارة – السرقة – المخدرات ..الخ) ، ولعل هذه الفئات الطفيلية غير معنية الا بما تكسبه من مساحات لمزيدا من المال بسبب الطمع والجشع الذي يعمي الابصار والعقول ، وبالتالي يصبح من غير المفكر فيه لهذه الفئة هو ان كل الحروب في السودان كانت بعض أسبابها الظلم والإقصاء .
               لقد هب الشعب في أكتوبر وابريل لتعديل مثل هذه الأوضاع الغير طبيعية ، وسوف يعود الشعب لادواتوه المجربة لإسقاط هذه الفئات الطفيلية ، والي ذالك الحين سنظل نناقش مثل هذه القضايا وغيرها ، ونظل نكشف ما تفعله هذه الفئة الطفيلية بتوجهها الرأسمالي الطفيلي الذي لم تراعي فيه ظرف السودان ، وسوف يتم ذلك عبر فتح الحوارات ومن خلال الأعمال الدرامية ، وفي الختام التحية لخالاتنا ستات الشاي بصفة عامة وبكلية الموسيقي والدراما بصفة خاصة (مقبولة – خميسه -  وقسمة) اللائي لهن الفضل في استمرار الكثير من الطلاب في الدراسة  عبر تكفلهن بدفع مصاريف (الوجبات والمواصلات)  لبعض الطلاب في احاين كثيرة ، بالإضافة الي الأفكار والخبرات التي ساهمن بها من خلال المنتديات المفتوحة التي تدار حوالهن ، والتحية الي أولئك الذين اجبروا الي ممارسة اعمال غير راضين عنها او غير شريفة طردهم و حرمانهم من ممارسة مهنة شريف .
          ويبقي السؤال عن مصير هؤلاء الخلات وأبناءهن وخيرهن ... من المسئول ... ومن المستفيد ... فهل المشروع الحضاري هو ان تمتلك فئة قليلة السلطة والثروة ... ويتم تشريد بقية الشعب وتركه للجوع والمرض والجهل ...؟                      
ملحوظة:-كتبت هذه المادة عندما قامت ادارة كلية الموسيقا والدراما بطرد بائعات الشاي  ونشرت حينها في مجلة الطليعة الطلابية القومية عدد رقم 3سبتمبر2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق