الثلاثاء، 23 يوليو 2013

عرض مسرحية(النظام يريد) شبحا دراكولا...احتقر جمهوره وعبث بذوقه ومشاعره كتب الاصمعي باشري



      عرض مسرحية(النظام يريد) شبحا دراكولا...احتقر جمهوره 
                                وعبث بذوقه ومشاعره
               

  كتب الاصمعي باشري
نشرت بالملف الثقافي لصحيفة القرار  6 يوليو 2013 عمود(لحظة وعي)
الضجة الاعلامية الكبيرة ،وحديث المهتمين والجمهور حول مسرحية (النظام يريد) والتي استمر عرضها لا كثر من ستين يوما متتالية حرضتني لمشاهدتها،ولكن للأسف الشديد خرجت منها وأنا اكثر احباطا لوضعية المسرح وعلاقاته المتشابكة من جهة،وضمور فعلة  وتأثيره الايجابي  وافتقاره  لمقومات الخلق  والتجديد  والابتكار حتى  ولو كان على مستواه التجاري والربحي  كما في  حالة مسرحية النظام يريد من جهة اخرى،والتى توفرت لها مقومات العرض الناجح ،من ممثلين وجمهور وصالة عرض وديكور وملابس وخبرات  وتجارب وغيرها..لكن يبدو ومنذ الوهلة الاولي ان(النظام يريد) كعرض مسرحي قد احتقر جمهوره،وعبث بذوقه ومشاعره وطعن في ذكائه ومعرفته بالطرح الهامشي والتهريج والثرثرة والموقف  المفتعل والواقعي والساذج والتنميط الممل دون صدق فني حقيقي.

(النظام يريد)-كنظام لا كعرض_بالفعل مبدعا دراكولا يمتص دم التغيير بأنبوب النكات وكوميديا الكلام وليس الموقف أو الاكتشاف، النظام يريد فعلا اشباح مدجنة على خشب المسارح تعرف بعد الجمهور لتلقنه دورا اخر بعيدا جدا  عن الدور الحقيقى،ولا تستطيع كشف ما رواء  الحدث ،تقدم فقط قالبا يجافي  الخط الدرامي وتغير من هدف المسرح ودوره في قيادة الجماهير، لتساوم بسمن بخس جوهر الفكرة بزيف  امتداد العرض لشهور وليالي.،اشباح تراوغ  النص من لحظه الانفلات بدم بارد ولغة ضلالية تقودك  مرغما الي عاصفة من الضحك والنسيان وتتركك غائبا في مهب الاحباط ..

لعل من بديهيات تقنيات المسرح السياسي ما قاله (مارتن ايسلن )حول ضرورة ان يخبر المسرح جماهيره بخلفية الاحداث ويصف بدقة افكار الشخصيات ودوافعها وأحيانا يمنح الجمهور نهاية العرض قبل حدوثه ليحمهم من الانتظار والترقب ويعطيهم فرصة التفكير والحكم بيد ان (النظام يريد) ارادت ان تحجب الواقع بكلياته عن المتلقي وفتحت له طاقة كبيرة تطل علي افق مظلم بسطحية الاحداث وتقديمها بشكل لايعوض عميقا في المأساة  وإنما مصادرة الحقيقة بالإضحاك  وفكر الجماهير بمتعة زائفة ولحظة مفعمة بالخدر والتنويم الدرامي هذا بالإضافة الي اغراقها المشاهد منذ البداية وحتى النهاية بوتيرة السياسي اليومي المكشوف والمعروف مسبقا بلا أي ملامسة ذكية ولو عرضا عن تعقيدات هذا اليومي  فكريا وأيدلوجيا ، بالإضافة لذلك كله نجد الغياب التام لعناصر   الايحاء والمجاز عن لغة الحوار  وبالمقابل توفرت بكثرة  دلالات اخرى اثرت  على جماليات العرض  مستمدة من قاموس النجومية علي حساب الخطاب والتأليف المسرحيين وضاعت بالتالي سلطتهما  ومرجعيتهما .

هكذا خرجت  من صالة  العرض  ولم اتفرج  على قيمه جمالية، ولا متعة وجدت ،ولا سموا انتابني لرفع درجة تصوري،لأنني وببساطة لو اجد نصا  ولم اجد اخراجا ولم اجد مبدعا ،وجدت خشبة ولم اجد فيها سوى أشباح أجبرتني على هجران المسرح حتى اشعار اخر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق