الاثنين، 3 يونيو 2013

الانتاج المسرحي وقضايا الفكر -كتب حامد بخيت


الاستاذ حامد بخيت
الانتاج المسرحي وقضايا الفكر 
كتب حامد بخيت
اليس من أهم اشراط العمل الفني أن يؤدي دوراً في تنمية تفكير المجتمعات وبالتالي يستطيع ان ينتج التغيير الذي من شأنه أن يؤسس لمجتمع يقترب من المثالية على الأقل؟ هذا السؤال يدفع بنا للتساؤل عن جدوى ماننتج من فنون ، أهي قادرة على اكتشاف مواطن جديدة في تفكير مجتمعاتنا وبالتالى يمكنها أن تنتج مشتركات تمكنها من التحاور مع الفكر المجتمعي ؟ في ظني ان الوقت قد حان ليجد اهل المسرح فسحة في التفكير الحر تنأى بهم عن الإعتقاد بأن المسرح ليس سوى انعكاس حركة المجتمع ، بحيث يظهر على سبيل التابع المنقاد وليس الفاعل الذي يملك قدرته على التغيير وصناعته وذلك لأننا اذا ما ظللنا على أعتقادنا بأن المسرح في تبعيته المتوهمة لدينا هذه يمكن ان يؤدي دوراً في التغيير فإن ذلك لا يعدو كونه وهم لا غير ، ولعل مجمل الأفعال الأدبية في أصلها لا بد أن تقوم بدور الريادة وقيادة المجتمعات في موقف استشرافي يستقرئ المستقبل ويحاول كشف ماهيته بحيث يهيئ المجتمعات الى ادراك ذلك والتعاطي معه فإن المسرح ليس سوى شكلاً من هذه الأشكال الأدبية التي تتعامل وفق رؤى واضحة منها ماهو حاضر وما هو استشرافي بحيث تستطيع محاورة القضايا الحاضرة بصورة تجعل المسرح قادراً على احداث التغيير في كافة مستوياته , وبالتالي يستطيع الإقتراب الى حياة الناس من خلال منهج مناسب ورؤيا واسعة تكون باتساعها هذا اقرب الي الوجدان، وأكثر اتصالآ بروح الكون والوجود الانساني،وبذا فإنه يبحث عن الحقيقة في أكثر من شكل ومستوي، ان الإنسان في الغالب لايستطيع ان يواجه ويدرك الكون بما فيه من موت وقسوة وتفاهات ، الا من خلال الفنون والتي يمكنها أن تحيل كل هذا العبث الى حالة يمكن الإفادة منها ، كل هذا يجعلنا نفكر في امكانية أن يكون هناك مسرحاً يقوم على فكر عميق وواضح يمكنه من كشف اسرار الحياة وانتاج معادلات موضوعية يستطيع من خلالها معالجة القضايا الحاضرة واستباق الحادثات حتي يمكن لنا التعامل معها بادراك واع ، ولعل هذا على سبيل التحريض لكتاب المسرح في السودان بأن يطلقوا لسلطان الخيال عندهم الخيال حتي يتمكن انتاجنا المسرحي من استيعاب القضايا التجديدية وانتاج فكر مسرحي متقدم ، ولعل من المبهج أن هنالك بعض الإشراقات في المسرح السوداني تشير الى قدرة بعض مبدعينا على انتاج تفكير متقدم ومتجاوز لفكرة الإنحباس عند نقطة المحاكاة وعكس حركة المجتمع ، ولكن هذا لا يعني مطلقاً ان نغض الطرف عن حالة العبث والتي هي الأبرز في الإنتاج الدرامي على العموم في العقود الأخيره ، كأننا امام امتحان التعامل مع انتاج مسرحي متواضع لا يكاد يملاء فراغ الخشبة التي يعرض عليها، في الوقت الذي تمتليء فيه ادراج بعض المفكرين المسرحيين بأعمال من شأنها أن تغير حال المسرح كلياً ، كلما يعيقها عن الظهور هو ضعف التمويل ، فإن كنا نحتج بأن هنالك (اغنيات هابطة) فإن المسرح الآن غير مبرأ من وجود (مسرحيات هابطة) ضعيفة ومتواضعة في فكرها وانتاجها وعرضها ، مما جعل من الجمهور الذي يتعاطى المسرح نفسه غير ذلك الجمهور المستنير ، بل اصبح في الغالب عبثياً لا يبحث الا عن الفكاهة والضحك في المسرح غافلاً عن حقيقة دور المسرح في ايجاد تجاريب فكرية ترتقي بالفكر الإنساني وتطور اساليبة في التعاطي مع الحياة ،نحن نحتاج الى مسرح يمتحن قدراتنا على التأمل والتفكير . وعليه فأن المسرح الذي يقوم على توفير الملهاة هو ليس ذلك المطلوب لزماننا هذا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق